من الرسوم الجمركية إلى التنافس التكنولوجي: الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين تشتعل"
بقلم : رافت عبده
شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم، توترات كبيرة في السنوات الأخيرة، خاصة في المجال
الاقتصادي. وتصاعدت هذه التوترات إلى ما يعرف بـ "الحرب الاقتصادية"، والتي تميزت بفرض رسوم جمركية متبادلة وقيود تجارية
أخرى.
الأسباب الجذرية:
تعود جذور هذه الحرب الاقتصادية إلى عدة عوامل، منها:
الممارسات التجارية غير العادلة: تتهم الولايات المتحدة الصين باتباع ممارسات تجارية غير عادلة، مثل سرقة حقوق الملكية الفكرية، وإغراق الأسواق بمنتجات رخيصة، وتقديم دعم حكومي غير قانوني للصناعات المحلية.
العجز التجاري: تعاني الولايات المتحدة من عجز تجاري كبير مع الصين، حيث تستورد منها أكثر مما تصدر إليها. وتسعى الولايات المتحدة إلى تقليل هذا العجز.
التنافس على الهيمنة التكنولوجية: تتنافس الدولتان على الهيمنة في مجال التكنولوجيا، خاصة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس والرقائق الإلكترونية.
الأمن القومي: ترى الولايات المتحدة أن بعض الممارسات التجارية والتكنولوجية الصينية تشكل تهديدًا لأمنها القومي.
أحداث بارزة:
2018: بدأت الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية على واردات من الصين، وردت الصين بالمثل.
2019: تصاعدت الحرب التجارية، حيث فرضت الدولتان رسومًا جمركية إضافية على مجموعة واسعة من السلع.
2020: تم التوصل إلى "اتفاق المرحلة الأولى" الذي خفف بعض الرسوم الجمركية، لكن العديد منها بقي ساريًا.
2021-2025: استمرت التوترات في عهد الرئيس بايدن، مع تركيز إدارته على قضايا مثل حقوق الإنسان والتكنولوجيا.
التأثيرات:
كان للحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين تأثيرات كبيرة على:
الاقتصاد العالمي: أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وزيادة حالة عدم اليقين، واضطراب سلاسل الإمداد العالمية.
الشركات: تضررت الشركات في كلا البلدين، حيث اضطرت إلى التعامل مع ارتفاع التكاليف وعدم اليقين بشأن الوصول إلى الأسواق.
المستهلكون: ارتفعت أسعار بعض السلع المستوردة، مما أثر على القدرة الشرائية للمستهلكين.
العلاقات الدولية: أدت إلى تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، وزيادة التوترات الجيوسياسية.
لم تقتصر الحرب الاقتصادية على الولايات المتحدة والصين فقط، بل امتد تأثيرها إلى دول العالم الأخرى، التي اضطرت إلى التعامل مع تداعياتها المختلفة. ويمكن تلخيص دور هذه الدول في النقاط التالية:
دول متضررة: تضررت العديد من الدول النامية والمتقدمة من الحرب الاقتصادية، حيث تراجعت صادراتها ووارداتها، وتباطأ نموها الاقتصادي. ومن أبرز الدول المتضررة:
ألمانيا: تراجعت صادراتها من السيارات والآلات إلى الصين والولايات المتحدة.
اليابان: تضررت شركاتها المصنعة للسيارات والإلكترونيات.
كوريا الجنوبية: تأثرت صادراتها من الرقائق الإلكترونية والصلب.
دول جنوب شرق آسيا: تراجعت صادراتها من السلع المصنعة والزراعية.
دول مستفيدة: استفادت بعض الدول من الحرب الاقتصادية، حيث زادت صادراتها إلى الولايات المتحدة والصين، وحلت محل الدول المتضررة. ومن أبرز الدول المستفيدة:
فيتنام: زادت صادراتها من الملابس والأحذية والإلكترونيات إلى الولايات المتحدة.
المكسيك: زادت صادراتها من السيارات والمنتجات الزراعية إلى الولايات المتحدة.
تايوان: زادت صادراتها من الرقائق الإلكترونية إلى الولايات المتحدة.
دول محايدة: حاولت بعض الدول الحفاظ على موقف محايد في الحرب الاقتصادية، وتجنب الانحياز إلى أي من الطرفين. ومن أبرز هذه الدول:
الاتحاد الأوروبي: سعى إلى الحفاظ على علاقات تجارية جيدة مع كل من الولايات المتحدة والصين، مع التركيز على حماية مصالحه الخاصة.
دول الخليج: حافظت على علاقاتها التجارية والاستثمارية مع كل من الولايات المتحدة والصين، مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط.
منظمات دولية: حاولت بعض المنظمات الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية، التوسط بين الولايات المتحدة والصين، وحل النزاعات التجارية بينهما، لكن جهودها لم تثمر عن نتائج ملموسة حتى الآن.
من غير الواضح متى وكيف ستنتهي هذه الحرب الاقتصادية. ففي حين أن هناك رغبة لدى الجانبين في التوصل إلى حل، إلا أن القضايا
العالقة معقدة وصعبة الحل. وقد يستمر هذا الوضع لبعض الوقت، مع ما يترتب عليه من آثار سلبية على الاقتصاد العالمي والعلاقات
الدولية.
اترك تعليقا: