الربيع الأمريكي يزهر غضبًا: مظاهرات مليونية تجتاح الولايات المتحدة رفضًا لقرارات ترامب الأخيرة
كتب :رافت عبده
في مشهد غير مسبوق منذ سنوات، شهدت الولايات المتحدة الأمريكية موجة عارمة من الاحتجاجات الشعبية العفوية والحاشدة، أطلق عليها البعض بالفعل اسم "الربيع الأمريكي". فمن الساحل الشرقي إلى الغربي، خرج ملايين الأمريكيين إلى الشوارع في مختلف الولايات والمدن الكبرى للتعبير عن غضبهم ورفضهم القاطع لسلسلة القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس دونالد ترامب، والتي يعتبرها المتظاهرون تقويضًا للحقوق والحريات الأساسية، وتراجعًا عن القيم الديمقراطية التي تأسست عليها البلاد.
بدأت شرارة هذه الاحتجاجات عقب الإعلان المفاجئ عن [اذكر هنا مثالًا لقرار مثير للجدل اتخذه ترامب مؤخرًا، مثل قرار يتعلق بالهجرة، أو البيئة، أو الرعاية الصحية، أو الحقوق المدنية]. هذا القرار، الذي وصفه منتقدوه بأنه [اذكر هنا وصفًا سلبيًا للقرار، مثل "تمييزي وعنصري"، "مدمر للبيئة"، "يقضي على مكتسبات الفقراء"، "يقوض حرية التعبير"]، أثار حالة من الغضب والاستياء الشعبي العارم، وسرعان ما تحول إلى دعوات للتظاهر عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
خلال ساعات قليلة، استجاب الآلاف من المواطنين لهذه الدعوات، وتدفقت الجموع الغاضبة إلى الساحات الرئيسية والمدن الكبرى في مختلف الولايات. وشهدت مدن مثل نيويورك، ولوس أنجلوس، وشيكاغو، وسان فرانسيسكو، وبوسطن، وواشنطن العاصمة، تجمعات مليونية عكست حجم الغضب الشعبي المتصاعد.
تنوعت شرائح المشاركين في هذه المظاهرات بشكل لافت. فقد ضمت طلاب الجامعات، ونشطاء حقوق الإنسان، وممثلي الأقليات العرقية والدينية، والعاملين في مختلف القطاعات، والمتقاعدين، وحتى أسرًا بأكملها خرجت للتعبير عن قلقها على مستقبل البلاد. ولوحظ حضور قوي للشباب الذين لعبوا دورًا محوريًا في تنظيم وتنسيق هذه التحركات الاحتجاجية عبر الإنترنت.
رفع المتظاهرون لافتات وشعارات تعبر عن رفضهم لسياسات ترامب، مطالبين بالتراجع الفوري عن القرارات الأخيرة، ومؤكدين على تمسكهم بالقيم الأمريكية الأساسية. وهتفت الحشود بشعارات تدعو إلى الوحدة والتسامح والعدالة الاجتماعية، وتندد بالتعصب والانقسام الذي يرون أنه يتسبب فيه الرئيس بسياساته وتصريحاته.
لم تخلُ بعض المظاهرات من بعض المناوشات والتوترات بين المتظاهرين وقوات الأمن، خاصة في المدن التي شهدت أعدادًا هائلة من المشاركين. ورغم دعوات منظمي الاحتجاجات إلى التظاهر السلمي، إلا أن بعض التقارير أشارت إلى وقوع بعض الاشتباكات المحدودة واعتقال عدد قليل من المتظاهرين.
وقد تفاعلت وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية بشكل واسع مع هذه الاحتجاجات الحاشدة، حيث تصدرت صور ومقاطع الفيديو للمظاهرات الصفحات الأولى والنشرات الإخبارية الرئيسية. وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض لهذه التحركات الشعبية، حيث رأى البعض فيها تعبيرًا مشروعًا عن الغضب الشعبي وحقًا أصيلًا من حقوق المواطنين في التعبير عن آرائهم، بينما اعتبرها آخرون محاولة لزعزعة الاستقرار وتقويض سلطة الرئيس المنتخب.
من جانبه، علق الرئيس ترامب على هذه الاحتجاجات عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، واصفًا المتظاهرين بأنهم "قلة مندسة" و"مأجورون" و"لا يمثلون الرأي العام الحقيقي". كما اتهم وسائل الإعلام بـ "تضخيم" حجم المظاهرات و"نشر الأكاذيب" حول سياساته.
إلا أن حجم المشاركة الهائل والتوسع الجغرافي للاحتجاجات يشيران إلى أن الغضب الشعبي أعمق وأوسع مما قد يوحي به وصف الرئيس. ويطرح هذا المشهد تساؤلات جدية حول مستقبل العلاقة بين الإدارة الأمريكية الحالية والقاعدة الشعبية، وإلى أي مدى يمكن لهذه الاحتجاجات أن تؤثر على مسار السياسات الحكومية في الفترة المقبلة.
يبقى المشهد الأمريكي مفتوحًا على كل الاحتمالات. فهل ستنجح هذه الموجة من الاحتجاجات في الضغط على الإدارة الأمريكية للتراجع عن بعض قراراتها؟ أم أنها ستخفت تدريجيًا مع مرور الوقت؟ المؤكد أن "الربيع الأمريكي" قد بدأ فصوله الأولى، وأن الأيام القادمة ستحمل المزيد من التطورات التي ستشكل مستقبل الولايات المتحدة.