-->
style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-5494815474080203" data-ad-slot="7444598250">

الدكتورة شمس راغب تكشف: كيف تحمينا الصلوات الخمس من براثن الشيطان؟

 
الدكتورة شمس راغب تكشف: كيف تحمينا الصلوات الخمس من براثن الشيطان؟

الدكتورة شمس راغب تكشف: كيف تحمينا الصلوات الخمس من براثن الشيطان؟


بقلم: الدكتورة شمس راغب عثمان

في رحاب الروحانية وسمو الإيمان، تتجلى حكمة الخالق عز وجل في تشريعاته التي تحفظ للإنسان فطرته النقية وتقيه من وساوس الشيطان. ومن بين هذه التشريعات، تأتي فريضة الصلاة كحصن حصين ودرع واقٍ، فـ "لولا أن الصلاة خمس مرات في اليوم لدمر الشيطان الإنسان".

الصلاة.. صلة روحية وحماية إلهية:

إن الصلاة ليست مجرد حركات وأقوال روتينية، بل هي صلة مباشرة وقوية تربط العبد بربه. هذه الصلة تمثل حماية وحفظًا للإنسان من نزغات الشيطان وخطواته المضللة. فلو تُرك الإنسان يومًا كاملاً بلا صلاة، لتسلل إليه الشيطان بسهولة، مفسدًا قلبه وعقله وروحه. لكن فرض الصلاة خمس مرات في اليوم جاء ليقطع على الشيطان طريقه، فالاتصال الدائم بالله، وترقب رحمته، والاحتماء بجنابه الكريم في أوقات متفرقة، يفوت على الشيطان كل مخططاته لإضلال الإنسان والتسرب إلى إيمانه وعقله.

الحكمة الإلهية في عدد الصلوات:

لماذا اختص الله عز وجل يومنا بخمس صلوات؟ تكمن الحكمة في ربط المخلوق بالخالق على مدار اليوم، فبين كل وقت صلاة وآخر، يتجدد العهد مع الله، ويستحضر العبد عظمته وقدرته. هذه المداومة على الذكر والعبادة تهيئ الإنسان لحمل الأمانة وتحقيق خلافة الله في الأرض، وتعده نفسيًا وخلقيًا لحياة سعيدة وكريمة.

أسرار الصلاة في القرآن الكريم:

وقد ورد في فضل الصلاة وسرها آيتان كريمتان تلخصان جوهرها:

  • قوله تعالى: "وأقمالصلاةلذكري" (طه، 14). فالصلاة هي ذكر لله، وهي الوسيلة الأسمى لتوطيد هذه العلاقة الروحية.
  • وقوله تعالى: "وأقمالصلاةإنالصلاةتنهىعنالفحشاءوالمنكر" (العنكبوت، 45). فالصلاة الحقيقية قوة تطهير للنفس، تدفعها نحو الخير وتبعدها عن الشر.

أسرار الصلاة.. رباط روحي وتطهير للنفس:

  1. الذكر والارتباط بالله: الصلاة مليئة بذكر الله، فالمصلي يدخلها بالتكبير معلنًا وحدانية الله وسلطانه، وفي الفاتحة يحمده ويثني عليه ويقر له بالعبادة وطلب الهداية. وفي الركوع والسجود يتجلى الخضوع والتذلل لعظمة الخالق. وقد ورد في الحديث القدسي: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل...". هذا الرباط الروحي القوي يجعل الصلاة من أكبر مكفرات الذنوب، كما قال تعالى: "وأقمالصلاةطرفيالنهاروزلفامنالليلإنالحسناتيذهبنالسيئات". وشبهها النبي صلى الله عليه وسلم بالنهر الذي يغتسل فيه المرء خمس مرات في اليوم، فلا يبقى عليه من درنه شيء.

  2. إشراق الروح وطمأنينة النفس: الصلاة تضيء الروح وتطهر القلب، وتجلب الأنس بالله والطمأنينة للنفس. فمناجاة الله في الصلاة تذهب الهم وتفسح الصدر بالأمل، وتبعد عن العقد النفسية وتقوي العزيمة على العمل. وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفزع إلى الصلاة عندما يحزبه أمر. وفي الصلاة تصفية للنفس من الكبر والغرور بالذلة لله والخضوع لعظمته. كما تعود الصلاة على قرن العلم بالعمل، وتطبيق الحقائق في الحياة. وتقوي عامل الخوف من الله، الداعي إلى الإخلاص والمراقبة. وهي تمرين على النظام في الحياة، وضبط الأوقات وتنسيق الأركان. كما تعود النظافة، وفي حركاتها رياضة تجمع بين رياضة الجسم والروح.

  3. صقل النفس وتهذيب الغرائز: الصلاة تصقل نفس صاحبها وترقق قلبه وتهذب غرائزه، فيخرج المصلي منها ليعامل الناس بعفة اللسان ولين الكلام ورحمة الضعفاء ومواساة المحتاجين. وقد ذم الله الذين يصلون ولا ينتفعون بصلاتهم، بل يخرجون منها ولا تمتد أيديهم بالخير، لأنهم دخلوها رياءً لا قلبًا خاشعًا ولا عقلًا فاهمًا. فالصلاة الكاملة الخاشعة تنأى بالإنسان عن اقتراف المنكر والفواحش.

ختامًا:

لما كانت الصلاة بهذه المنزلة التربوية العظيمة، كانت أهم أركان الإسلام وأفضلها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا دين لمن لا صلاة له، إنما موضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد". وبهذا العرض لحكمة مشروعية الصلاة، يتضح للمؤمن أنها لمصلحته هو، فالله غني عن عبادتنا، وأن أي فائدة لا تأتي إلا ببذل جهد مهما كانت درجته.

"سبحانكلاعلملناإلاماعلمتناإنكأنتالعليمالحكيم"

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

د. شمس راغب عثمان

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا:

الاكتر شيوعا