-->
style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-5494815474080203" data-ad-slot="7444598250">

الحج المتكرر... وأين تذهب الإنسانية؟


الحج المتكرر... وأين تذهب الإنسانية؟

بقلم : رأفت عبده 

فيا أيها الذاهب إلى بيت الله الحرام، ويا من رزقك الله سعة في الرزق ويسر لك أداء فريضته... تهانينا على هذا التوفيق العظيم. ولكن اسمح لي بكلمات نابعة من القلب، لا لتقليل شأن هذه الفريضة، بل لتسليط الضوء على جوانب قد نغفل عنها في غمرة حبنا للعبادة.

أرى من حولنا من يتباهى بأداء الحج والعمرة مرات ومرات، وكأنها سباق على حصد الحسنات، أو وسيلة لإثبات الوجاهة الاجتماعية. وفي كل مرة ينفقون مبالغ طائلة، تكفي لإعالة أسر، وسد ديون، وتفريج كربات.

دعني أسألك بصدق: هل فكرت يومًا أن هناك من لا يجد قوت يومه؟ هل تخيلت أن هناك أيتامًا يتضورون جوعًا؟ هل تعلم أن هناك سجناء يقبعون خلف القضبان بسبب ديون لا تتجاوز بضع مئات من الجنيهات، عجزوا عن سدادها؟

لو أنفقت جزءًا مما تنفقه على حجك المتكرر في مساعدة هؤلاء، لو سددت دينًا عن معسر، لو كفلت يتيمًا، لو أطعمت جائعًا، لو بنيت سقفًا لأسرة فقيرة، ألا تعتقد أن ذلك أعظم أجرًا وأبقى أثرًا؟

إن الإسلام دين الرحمة والتكافل، ودين يقدر قيمة الإنسان فوق كل شيء. نعم، الحج فريضة لمن استطاع إليه سبيلًا، ولكن هل الاستطاعة تقتصر على القدرة المادية فقط؟ ألا تشمل الاستطاعة القدرة على رؤية احتياجات الآخرين والشعور بآلامهم؟

المتاجرة في العبادات أو تحويلها إلى وسيلة للتفاخر يتنافى مع جوهر الدين الذي يدعو إلى البذل والعطاء والتضحية. أن يحظى شعبي بقليل مما أعطتني إياه الحياة، هو أمنية كل إنسان يحمل ذرة من إنسانية.

إن محاربة الأنانية، والفقر، والجوع، والقهر ليست مجرد شعارات، بل هي عمل عظيم تكمن فيه الإنسانية الحقيقية. عندما تمسح دمعة يتيم، أو تشبع بطن جائع، أو ترفع ظلمًا عن مظلوم، فإنك حينها تؤدي فريضة أعظم قد تفوق في أثرها حجًا بعد حج.

فليكن حجنا متوجًا بالإنسانية، وليكن عودتنا من بيت الله محملة بقرارات حقيقية لدعم المحتاجين، ولنكن قدوة في العطاء والبذل، لا في التفاخر والتباهي. هل أنت مستعد لتغيير أولوياتك، وجعل الإنسانية هي بوصلة حجك القادم؟


شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا:

الاكتر شيوعا