-->
style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-5494815474080203" data-ad-slot="7444598250">

بناتٌ من ذهب: أحلامٌ بسيطة وعزيمةٌ من حديد عاشوا مستورين في حياء وعفة... وماتوا مرفوعي الرأس:

بناتٌ من ذهب: أحلامٌ بسيطة وعزيمةٌ من حديد عاشوا مستورين في حياء وعفة... وماتوا مرفوعي الرأس: 

بناتٌ من ذهب: أحلامٌ بسيطة وعزيمةٌ من حديد عاشوا مستورين في حياء وعفة... وماتوا مرفوعي الرأس:

كتب : رأفت عبده 

في زمنٍ تتراقص فيه قيمُنا الأصيلة على أنغام الشهرة الزائفة، وتُعرض فيه الأجساد والكرامات على مذبح "التريند" والمشاهدات الرخيصة، ويُباع فيه الشرف بثمنٍ بخسٍ من الهدايا الوهمية والتعليقات الجوفاء، تطل علينا قصةٌ جديدة، ليست مجرد خبر عابر، بل هي مأساةٌ تُدمي القلب وتُوجع الروح، لكنها تحمل في طياتها أسمى معاني العزة والكرامة والشرف. قصةٌ تروي لنا حكاياتٍ من صميم واقعنا، تذكّرنا بأن هناك في زوايا هذا الوطن، أرواحًا نقية، وقلوبًا عامرة بالعفة والطموح، تعيش وتكافح بصمت، بعيدًا عن أضواء الشهرة الزائفة وضجيج السوشيال ميديا المبتذل.

لقد صدمنا جميعًا بفاجعةٍ أليمة، فقدنا فيها 18 روحًا بريئة، 18 قصةً لم تُروَ بعد، 18 حلمًا لم يكتمل.

 لم يظهرن في بثوث مباشرة يرقصن على "تيك توك" ليجعلن من أنفسهن سلعة رخيصة تُعرض للبيع والشراء. 

لم يذرفن الدموع المزيفة في فيديوهات مصطنعة لجمع الهدايا الوهمية.

 لم يكتبن مآسيهن الشخصية على صفحات التواصل الاجتماعي لجذب التعاطف الرخيص والمشاهدات المبتذلة. 

لم يرتدين الملابس الضيقة أو يتبجحن بالكلمات البذيئة ليصبحن "تريندًا" أو نجماتٍ على حساب حياءهن وعفتهن. 

لقد اخترن طريقًا آخر، طريق العزة والصمت، طريق الكد والاجتهاد، طريق الشرف والستر.

كانت كل واحدة منهن تمثل قصةً في حد ذاتها، حكاية من ألف حكاية لأمهات وأخوات وبنات هذا الوطن. 

بينهن المهندسة الطموحة 👷‍♀️ التي كانت تحلم بمستقبل مشرق يخدم وطنها، والممرضة 🧑‍⚕️ التي كانت تكرس حياتها لرعاية المرضى والتخفيف من آلامهم، ومنهن من كانت تتطلع لأن تكون الأولى على الجمهورية في الثانوية العامة، تحمل في قلبها شغف العلم والتميز.

 كلهن كن بناتًا شقيانات، يكافحن بشرف وعرق جبينهن، يحلمن بأبسط الأمنيات: 

زفة بسيطة على قدر حالهن، حياة كريمة مبنية على الكفاف والحلال.

 كن يجمعن القرش على القرش في جمعيات بسيطة امتدت لشهور طويلة، يخططن لمستقبلٍ يتسم بالستر والعفة، بعيدًا عن بهرجة الحياة الزائفة.

لقد كانت يوميتهن لا تتجاوز 130 جنيهًا! مبلغٌ زهيدٌ جدًا مقارنةً بحجم الجهد والعناء الذي يبذلنه.

 يعملن تحت شمس قاتلة، وفي شغل شاق لا يعرف الرحمة، تحدين قسوة الظروف بابتسامة وصبر، لكن عمرهن ما مدّوا أيديهن لأحد، ولا لجأن للمساعدة أو الشكوى. 

لم يبعن كرامتهن من أجل المال، ولم يستخدمن بؤسهن وسيلة للتعاطف الزائف. 

عاشوا مستورين، بعيدًا عن الأضواء، بعيدًا عن الضجيج، بعيدًا عن الرخص.

ماتوا مرفوعي الرأس... وتركوا لنا درسًا خالدًا

وفي النهاية، رحلن عنا، 18 روحًا نقية، بطريقة مأساوية، لكنهن ماتوا مرفوعي الرأس، شريفات، عفيفات، كادحات، وطموحات.

 لقد تركن لنا درسًا بليغًا في العزة والكرامة، رسالة قوية إلى كل من يرى أن الشهرة والرخص هما طريق النجاح. 

رسالة تذكرنا بأن الستر والعفة والشرف هي قيم لا تقدر بثمن، وأن العمل الجاد والكفاح بصمت هو الطريق الحقيقي لبناء الذات والمستقبل.

رحم الله أرواح هؤلاء الفتيات الطاهرات بواسع رحمته، وأسكنهن فسيح جناته، وصبر قلب كل أم وأب وأخ فقدوا فلذات أكبادهم. لعل قصتهن تكون نورًا يضيء دروب الكثيرين، وعبرة لكل من يضل الطريق في زمن بات فيه الرخص هو الثمن، والعفة هي الثروة الحقيقية.

 هل نُدرك قيمة هذه الأرواح التي رحلت في صمت، ونُعيد النظر في قيمنا التي تتآكل يومًا بعد يوم؟

اقراء المزيد اضغط هنا 

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا:

الاكتر شيوعا