البرزخ في المآتم أم إنقاذ الغارمات؟ ظاهرة غير طبيعية تشعل الجدل في المغازي
في زمنٍ تتبدل فيه القيم وتتشابك فيه العادات مع المظاهر، برزت في المغازي ظاهرة غريبة ومثيرة للجدل حول إقامة المآتم وما يصاحبها من بذخٍ مفرط ومصاريف طائلة تُستنزف بلا حساب.
مشهد يتكرر مع كل حالة وفاة: أجر القراء وحده يتجاوز الـ50 ألف جنيه، ناهيك عن الصوان الفاخر، والمقاعد، والإضاءة، ومأدبة الغذاء الفاخرة التي تُقام وكأنها وليمة عرس لا بيت عزاء. وفي النهاية… الميت لا يستفيد شيئاً من ذلك كله، لا الصوان ينفعه، ولا الولائم تُكتب في ميزان حسناته، حتى الصواب نفسه لم يعد يصل بالروحانية القديمة، بل أصبح جزءاً من المظاهر والمبالغة.
بين المظاهر والواقع المرير
السؤال الناري الذي يفرض نفسه اليوم:
لماذا لا نعيد التفكير؟ لماذا لا نكسر هذه العادة التي تحولت من عزاء للميت إلى استنزاف لجيوب الأحياء؟
❗ تخيّل معي لو أن هذه الأموال الطائلة التي تُنفق على صرادق العزاء ومظاهر البذخ، وُجهت إلى فتح بيت إحدى الغارمات المسجونات في قضايا إيصالات أمانة، تلك التي دفعتها الحاجة لتجهيز ابنتها أو سداد دينٍ ما، لكانت النتيجة أعظم وأبقى.
فـ سداد دين الغارمات صدقة جارية للميت، ورفع كربٍ عن مسلم خير من ألف مأدبة، وهو عمل يصل للمتوفى في قبره كدعاء صادق ورحمة تتنزل عليه.
أرقام تكشف الحقيقة
الحقيقة المؤلمة أن مصاريف صرادق عزاء واحد قد تُنقذ أكثر من غارمة، وتعيد أمّاً لأولادها، وتفتح بيتاً أغلقته القيود والسجون. فما الذي يرضي روح الميت أكثر؟ صوان يُطوى بعد أيام، أم صدقة جارية باقية تفتح أبواب رحمة لا تُغلق؟
دعوة لإحياء القيم الحقيقية
إن الظاهرة التي نشاهدها اليوم في المغازي تحتاج إلى وقفة صريحة، وقرار شجاع من الأهالي:
العزاء الحقيقي هو الدعاء للميت.
الصدقة الجارية هي الاستثمار الأبدي له.
البذخ في المآتم لا يزيد إلا أوجاع الأحياء، ولا يضيف للميت ذرة نفع.
أيها الناس… ارحموا موتاكم من صوانات تُطوى، وولائم تُنسى، وقراء يُرحلون بآلاف الجنيهات! فالميت لا يحتاج إلا لدعوة صادقة، وصدقة جارية تبقى شاهدة له يوم لا ينفع مال ولا بنون.
حوِّلوا أموال المظاهر إلى أبواب رحمة، وسددوا بها ديون الغارمات، وافتحوا بها بيوتاً مغلقة… فذلك هو العزاء الحق، وذلك هو الوفاء الصادق للميت.
الموت ليس تجارة… بل رسالة أبدية بأن البقاء لله، وما ينفع الميت سوى ما قُدّم له في ميزان حسناته.
لمعرفه المزيد من التفاصيل اضغط هنا
إرسال تعليق