-->
style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-5494815474080203" data-ad-slot="7444598250">

شهداء لقمة العيش، قناديل لا تنطفئ في سماء الوطن

شهداء لقمة العيش، قناديل لا تنطفئ في سماء الوطن

بقلم : مريم بشير 

في وطنٍ يئن تحت وطأة التحديات، وتتلاطم أمواجه العاتية على صخور الصبر، تتجلى قصصٌ تقطرُ ألماً وفخراً في آنٍ واحد. قصصٌ تُروى بدموعٍ حارقةٍ وقلوبٍ دامية، لكنها تضيءُ لنا دروباً كانت تبدو معتمة، وتُعلي راياتٍ كانت على وشك السقوط. 

إنها حكاياتُ أرواحٍ طاهرة، جسدّت أسمى معاني الكفاح، ودفعت أثمن الأثمان في سبيل غايةٍ تبدو بسيطة في ظاهرها، عظيمة في جوهرها: لقمة العيش.

لقد خرجوا، أولئك الأبرار، يحملون بين أضلعهم أحلاماً صغيرة، وآمالاً كبيرة. لم تكن في حسبانهم أمجادٌ زائفة، ولا مطامعُ شخصية، بل كان جلّ همهم توفير قوت يومٍ كريم لأسرٍ تنتظر، لأطفالٍ يتطلعون. 

سعوا في الأرض، يكدحون ويجتهدون، يصارعون قسوة الحياة بابتسامة رضا وإيمان عميق. لم يدر بخلدهم أن طريقهم إلى الرزق سيتحول فجأة إلى دربٍ معبدٍ نحو الخلود، وأن سعيهم الدنيوي سيُصبح جسراً يعبرون به إلى جنان النعيم.


نعم، الشهداء كانوا يقصدون لقمة العيش التي ساقتهم إلى الجنة. 

لم يكن الموت خيارهم، بل كان قدراً غامضاً اختارهم، ليُعلي ذكرهم ويرفع قدرهم، ويُسجلهم في سجل الخالدين.

 لقد تجرّدوا من كل حسابات الدنيا، وامتطوا صهوة القدر، ليُصبحوا أيقوناتٍ للفداء، وشواهدَ على أن العطاء لا يتوقف عند حدود الحياة.


وها نحن اليوم، ننحني إجلالاً وتقديراً لأرواحٍ طاهرة، رحم الله بنات مصر الشرفاء وأسكنهن فسيح جناته. 

لقد كنّ رمزاً للعفة والكرامة والعمل الدؤوب، ونماذجاً يحتذى بها في التضحية والعطاء. لن تمحى ذكراهن من الذاكرة، ولن تندثر تضحياتهن مع مرور الزمن، بل ستبقين قناديل تضيء لنا الدرب، وتُلهمنا الصبر والثبات.

وفي هذه اللحظات التي تعتصر فيها القلوب ألماً، نرفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل، ربط الله على قلوب آبائهم وأمهاتهم بالصبر والسلوان. فمصابهم جلل، وفقدانهم عظيم، ولكن الإيمان بقدر الله هو السند والعزاء. نسأل الله أن يمنحهم السكينة، ويلهمهم الثبات، وأن يجعلهم من الصابرين المحتسبين الذين يجزيهم الله بغير حساب.


إن تضحيات هؤلاء الشهداء، الذين ساروا نحو رزقهم وانتهى بهم المطاف في جنان ربهم، هي رسالة قوية لنا جميعاً. 

إنها دعوة للتأمل في قيم الحياة، والتقدير لكل يدٍ تعمل، ولكل روحٍ تجاهد. فلنجعل من ذكراهم دافعاً لنا لمزيد من العطاء، ومزيد من العمل، ومزيد من التكافل، حتى لا تذهب تضحياتهم سدى، وحتى تظل لقمة العيش الشريفة حقاً لكل مصري شريف.


لمعرفه المزيد من التفاصيل اضغط هنا 

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا:

الاكتر شيوعا