"يا غربة.. يا قاسية! الصاحب يقتل صاحبه على أرضك!"
يا غربة.. كم أنتِ قاسية حين تغتالين الأحلام وتزرعين الغدر في قلوب من جمعتهم لقمة العيش!
بقلم : محمد احمد فتح الله
"يخربيت الغربة!" لم تعد مجرد كلمة تقال لوصف مرارة البعد عن الوطن، بل أصبحت صرخة ألم وذهول تنطلق من قلب كل مصري مغترب، بل من قلب كل إنسان لا يزال يؤمن بقيم الصداقة والإنسانية. ففي جريمة بشعة تهز أركان الروح، تحولت أرض اليونان التي احتضنت شابًا مصريًا باحثًا عن لقمة العيش إلى مسرح لجريمة غادرة، بطلها صديق الأمس وجلاده اليوم!
"طعنة غادرة تنهي حلم شاب مصري.. والصديق القاتل يذهب للعمل كأن شيئًا لم يكن!"
في تفاصيل مروعة تكشف عن قسوة الغربة وتجرد النفوس من الرحمة، لقي الشاب المصري علي سعيد قاسم، ابن محافظة البحيرة والمقيم في اليونان، مصرعه على يد صديقه وزميله في مزرعة للفراولة. الجريمة التي وقعت اليوم في الأراضي اليونانية، بدأت بخلاف بسيط بين الشابين قبل توجههما للعمل في جمع محصول الفراولة.
لكن ما حدث بعد ذلك تجاوز كل تصورات الشر. هذا "الصديق"، الذي تقاسم مع علي الغربة وربما لقمة العيش والملح، تجرد من كل معاني الصداقة والإنسانية. فبدلًا من احتواء الخلاف أو تركه، أقدم على فعل شيطاني، حيث استل سكينًا غادرة وطعن بها جسد علي الطاهر، لينهي حياته في لحظة غدر وخيانة لم يشهد لها المغتربون مثيلًا.
الأكثر فزعًا ورعبًا في هذه الجريمة البشعة، هو ما تلاها. هذا القاتل عديم الضمير لم يكتف بإزهاق روح رفيقه، بل ذهب إلى عمله في مزرعة الفراولة وكأن شيئًا لم يحدث! وكأن روحًا أزهقت للتو لم تهز كيانه ولم تستدعِ ذرة من ندم أو خوف في قلبه المتحجر.
علي سعيد قاسم، الشاب الذي ترك وطنه وأهله بحثًا عن مستقبل أفضل في أرض غريبة، وجد نهايته على يد أقرب الناس إليه في تلك الغربة القاسية. ضاع حلمه، وتبخرت آماله، ورحل عن عالم لم يعد فيه قلب ولا رحمة، حتى بين من يفترض أن يكونوا سندًا وعونًا لبعضهم البعض في أرض البعد والوحشة.
هذه الجريمة المروعة تفتح جروحًا عميقة في قلوب المصريين المغتربين، وتطرح تساؤلات مريرة عن معنى الصداقة والإنسانية في عالم باتت فيه المادة والمصالح تطغى على كل القيم. كيف يمكن لقلب أن يتحول إلى حجر قاسٍ لهذه الدرجة؟ وأين ذهبت تلك الروابط الإنسانية التي تجمع بين بني البشر؟
رحل علي سعيد قاسم ضحية غدر صديق وقسوة غربة، تاركًا خلفه أسىً وحزنًا لا يندمل. وتبقى هذه الجريمة وصمة عار على جبين من تجرد من إنسانيته، وصرخة مدوية في وجه عالم فقد الكثير من قيمه النبيلة.
*يا غربة.. كم أنتِ قاسية حين تغتالين الأحلام وتزرعين الغدر في قلوب من جمعتهم لقمة العيش!
اترك تعليقا: