من "الكرمة" إلى "ياسين": صرخة مدوية في وجه الظلم.. هل يتحقق حلم تغيير الاسم؟
باسم الطفولة المغدورة، وباسم كل قلب فُجع وأُدمي، أقف اليوم لأعلنها صرخة مدوية:
"الكرمة" لم تعد كرمة! هنا، حيث كان من المفترض أن تنبت بذور العلم والأخلاق، تفتحت
للأسف براعم الشر والألم. هنا، في مدرسة "الكرمة" بدمنهور، ارتُكبت جريمة بشعة بحق
طفل بريء، "ياسين"، جريمة هزت أركان إنسانيتنا. فهل يليق بمكان تلطخ ببراءة طفل أن
يحمل اسمًا يوحي بالخير؟ وهل نملك الحق في أن نمضي وكأن شيئًا لم يكن؟ إنني أرى أن
أقل ما يمكن أن نقدمه لياسين هو أن نمحو هذا الاسم الموجع، وأن نحوله إلى رمز للعدالة
المرجوة، إلى "مدرسة ياسين"... فهل تتحقق هذه الأمنية؟
لقد تابعنا جميعًا، بقلوب دامية وعيون زائغة، تفاصيل تلك الواقعة المروعة التي هزت ضمير المجتمع المصري بأكمله. طفل صغير، لم
تتفتح زهرة حياته بعد، وجد نفسه ضحية لوحش آدمي تجرد من كل معاني الرحمة والإنسانية. وبين جدران مدرسة يفترض أنها تحمي
أطفالنا، ارتُكبت جريمة بشعة تركت في نفوسنا جميعًا ندوبًا غائرة لن تمحوها الأيام.
واليوم، وأنا أقف أمام هذا الألم الجاثم على صدورنا، أتساءل: هل يليق بمكان شهد هذه الفاجعة أن يحمل اسمًا يوحي بالخير والعطاء؟ هل
يجوز أن تبقى كلمة "الكرمة" تتردد على ألسنتنا مقرونة بذكرى جريمة بشعة لطخت بياض الطفولة؟
إنني أرى أن أقل ما يمكن أن نقدمه لهذا الطفل البريء، وأقل ما يمكن أن نفعله لتضميد جراح أسرته المفجوعة، هو أن نمحو هذا الاسم
المشؤوم من ذاكرة المكان. يجب أن يتحول اسم هذه المدرسة من "الكرمة" التي أصبحت رمزًا للألم، إلى اسم يحمل عبق البراءة
المهدورة، اسم يخلد ذكرى "ياسين" كرمز للضحية التي يجب أن تتحول محنتها إلى صرخة مدوية في وجه كل أشكال العنف
والاستغلال.
إن تغيير اسم المدرسة إلى "مدرسة ياسين" ليس مجرد تغيير شكلي، بل هو رسالة قوية وواضحة. إنها رسالة إلى كل من تسول له نفسه
العبث ببراءة أطفالنا بأن هناك سيفًا للعدالة سيلاحقه، وأن المجتمع لن ينسى ولن يتهاون في حماية فلذات أكباده. إنها رسالة إلى روح
"ياسين" الطاهرة بأن دمه لم يذهب هدرًا، وأن محنته ستكون شرارة لإحداث تغيير حقيقي في منظومة حماية الطفل.
إنني أناشد كل مسؤول في هذا الوطن، من وزير التربية والتعليم إلى محافظ البحيرة، أن يستمعوا إلى هذا الصوت الغاضب، صوت
الشعب الذي يطالب بالحق والعدل. إن تغيير اسم هذه المدرسة هو أقل القليل الذي يمكن تقديمه لياسين ولأسرته، وهو خطوة رمزية لكنها
تحمل في طياتها معاني عظيمة. إنها تعبير عن رفضنا القاطع للعنف ضد الأطفال، وتأكيد على أننا لن نسمح بأن تتكرر مثل هذه الفواجع
فلنجعل من "مدرسة ياسين" صرحًا شامخًا يحمل اسم براءة اغتيلت، ويكون شاهدًا حيًا على ضرورة تضافر جهود المجتمع بأكمله
لحماية أطفالنا من كل شر. فلنجعل من هذا التغيير بداية لعهد جديد من الاهتمام بحقوق الطفل وتوفير بيئة آمنة وسليمة له لينمو ويزدهر.
إنني أؤمن بأن صرخة الحق ستصل، وأن صوت "ياسين" سيتردد صداه في كل أرجاء الوطن، مطالبًا بالعدل والحماية. وأدعوكم جميعًا
للانضمام إلى هذه المطالبة، لكي نجعل من محنة "ياسين" نقطة تحول حقيقية في مسيرة حماية الطفولة في مصر. ليكن اسم "ياسين"
محفورًا في ذاكرة المكان، شاهدًا على جريمة لن ننساها، ودافعًا لنا جميعًا للعمل بجد وإخلاص من أجل مستقبل أكثر أمانًا لأطفالنا.
اترك تعليقا: