-->
style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-5494815474080203" data-ad-slot="7444598250">

أيها الذئاب المتخفون في ثياب الإخوة.. إلى متى تلتهمون حقوق بناتكم وتستحلون دموعهن؟

  أيها الذئاب المتخفون في ثياب الإخوة.. إلى متى تلتهمون حقوق بناتكم وتستحلون دموعهن؟

أيها الذئاب المتخفون في ثياب الإخوة.. إلى متى تلتهمون حقوق بناتكم وتستحلون دموعهن؟

بقلم : رافت عبده

يا من تسمون أنفسكم "رجالًا" زورًا وبهتانًا، ويا من تدعون صلة الرحم كذبًا وافتراءً! اسمحوا لي أن أبدأ كلماتي هذه بقلب يتقطع غضبًا وروح تتمزق أسىً لما أراه وأسمعه من جرائم بشعة ترتكب باسم العادات والتقاليد، جرائم يرتكبها أقرب الناس، إخوة يتجردون من كل معاني الإنسانية والنخوة ليأكلوا ميراث أخواتهم البنات، ويحرموهن من أبسط حقوقهن التي كفلها لهن الشرع والقانون.

أي وقاحة تلك التي تدفع رجلًا، يفترض به أن يكون سندًا وعونًا لأخته، أن يتحول إلى وحش كاسر ينهش لحمها ويستولي على عرق جبين أبيها الذي تركه لها أمانة في عنقه؟ أي دناءة تلك التي تجعل ذكرًا يتلذذ بدموع شقيقته وهي تتوسل إليه للحصول على حقها المسلوب، حقها الذي هو قوت يومها وربما مستقبل أولادها؟

إنها ليست مجرد قضايا فردية نسمع بها بين الحين والآخر، بل هي ظاهرة مؤلمة تتفشى في مجتمعاتنا، تكشف عن قبح النفوس وضياع القيم. إنها وصمة عار على جبين كل من يستحل مال اليتيمة أو الأرملة أو المطلقة من أخواته، مستغلًا ضعفهن وحاجتهن، ومتسترًا بعباءة زائفة من التسلط الذكوري والعادات الجاهلية البالية.

أين ذهبت تلك الرجولة التي تتشدقون بها؟ هل الرجولة في استضعاف الضعيف وأكل حقوقه؟ هل المروءة في التنكر للأخوة وصلة الرحم من أجل حفنة من المال الزائل؟ أي شرف هذا الذي تتباهون به وأنتم تتغذون على فتات حق أخواتكم وتتركونهن يواجهن قسوة الحياة بمفردهن؟

إنها جريمة مضاعفة، جريمة في حق الشرع الذي أوصى بالنساء خيرًا ومنحهن حقوقًا واضحة في الميراث، وجريمة في حق الإنسانية التي تقتضي التكافل والتراحم بين الأشقاء. إنها خيانة للأمانة التي حملكم إياها الآباء، الذين ربما قضوا حياتهم يكافحون لتأمين مستقبل أولادهم، ليأتي الابن "البار" ويهدر كل هذا الجهد ويحرم أخته من ثمرة تعب أبيها.

ألا تخافون غضب الله؟ ألا ترهبون دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب؟ كيف تستسيغون لقمة حرام امتزجت بدموع أخواتكم وقهرهن؟ كيف تنامون الليل وأنت تعلمون أن هناك قلبًا كسيرًا يدعو عليكم بالويل والثبور؟

إنني أتوجه بندائي هذا إلى كل من تسول له نفسه فعل هذا الفعل الشنيع: تذكر أن الدنيا فانية وأن الحق لا يضيع. تذكر أن هناك عدالة إلهية ستقتص للمظلوم ولو بعد حين. تذكر أن المال الحرام لا بركة فيه وأن عاقبته وخيمة في الدنيا والآخرة.

وأتوجه بندائي إلى كل امرأة مظلومة أكل حقها من قبل أخيها: لا تيأسي ولا تستسلمي. صوتك مسموع وحقك لن يضيع. هناك قانون يحميك وهناك ضمائر حية تساندك. لا تترددي في المطالبة بحقك بكل السبل القانونية المشروعة، ولا تخافي من مواجهة الظلم مهما كان قوياً.

إنها دعوة للصحوة، دعوة لانتفاضة الضمائر، دعوة لوقف هذا النزيف الأخلاقي الذي يهدد قيم مجتمعاتنا. كفى صمتًا على هذا الظلم، وكفى تسترًا على هؤلاء الذئاب المتخفين. يجب أن نفضحهم ونحاسبهم ونعيد الحق إلى أصحابه. يجب أن نربي أجيالنا القادمة على العدل والمساواة واحترام حقوق المرأة، لكي لا تتكرر هذه المآسي ولكي يسود العدل والإنصاف بين الإخوة والأخوات. إلى متى سيظل الإرث لعنة تطارد بناتنا بدلاً من أن يكون حقًا يصونه لهن أقرب الناس؟ الإجابة في أيدينا جميعًا.

وفي الختام، وبعد هذا الاستعراض الموجع لهذه الظاهرة المشينة، لا يسعني، أنا الإعلامي رأفت عبده، رئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام الإخبارية، إلا أن أؤكد على ضرورة التصدي بكل قوة وحزم لهذه الممارسات التي تتنافى مع أبسط مبادئ العدل والإنسانية.

 إن صمتنا تواطؤ، وتقاعسنا جريمة في حق أخواتنا وبناتنا. فلنجعل صوت الحق أعلى، ولنقف صفًا واحدًا في وجه هؤلاء الذين يستحلون حقوق الضعفاء. إن كرامة المرأة وحقوقها ليست محلًا للمساومة، ويجب أن تكون مصانة بقوة القانون والأخلاق. فلنعمل معًا لبناء مجتمع يسوده العدل والإنصاف، مجتمع لا يُؤكل فيه ميراث البنات، بل تُحترم فيه حقوقهن وتُصان كرامتهن. هذا هو واجبنا جميعًا، وهذه هي رسالتنا التي يجب أن تصل مدوية إلى كل من تسول له نفسه هذا الفعل الشنيع.

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا:

الاكتر شيوعا