في زمن التيك توك... الفسيخ يصنع الملايين والعلماء في طيّ النسيان!"
في زمنٍ انقلبت فيه الموازين، وأصبح فيه العبث فناً، والابتذال مهنة، والخلاعة طريقًا للشهرة والثروة... نعيش اليوم مشهدًا عبثيًا يثير
الدهشة والاشمئزاز معًا. لم نعد نندهش حين نسمع عن فتاة تبيع الفسيخ عبر "التيك توك" تحصد في أيامٍ معدودة آلاف الجنيهات، ولا
نندهش حين تصبح شخصية مثل "ليلى الشبح" رمزًا للثراء والمشاهدات والربح، بينما يُهمَّش العالم، ويُقصى المفكر، ويُنسى حافظ
القرآن، ويعيش المبدع الحقيقي على فتات لا يسد الرمق ولا يليق بقيمة العقل والرسالة.
المنصات الرقمية التي كان من المفترض أن تكون منابر لحرية الرأي والتعليم وتبادل الخبرات، تحولت إلى سوق مفتوح للابتذال،
وتجارة رخيصة للفت الأنظار، و"شو إعلامي" يعتمد على الرقص، والتلميح الجنسي، وصناعة التفاهة بلا حدود. كل ذلك تحت عباءة
"الترفيه"، فيما الحقيقة أنها موجة عاتية تجتاح القيم، وتطمس المعايير، وتقتل القدوة في مهدها.
في هذا الزمن، أصبح القبض على التيكتوكرز أمثال "بائعة الفسيخ" و"ليلى الشبح" و"فتاة الحليب" و"صانعة المقالب" خبراً اعتيادياً،
بعد أن تحولوا من أفراد مغمورين إلى نجوم يصنعون ملايين الجنيهات شهريًا من لا شيء سوى الجسد، والصوت العالي، والاستعراض
الرخيص، بينما يقف العالم الحقيقي، والعالم الشريف، والعالم العبقري عاجزًا حتى عن تسديد فواتيره أو نشر بحثه.
في زمن التيك توك... الفسيخ يصنع الملايين والعلماء في طيّ النسيان!"
- فتاة تُدعى "بائعة الفسيخ"، بدأت ببيع السمك المُملح في فيديوهات لا تخلو من التلميحات الجريئة... سرعان ما تحولت إلى نجمة تيك توك، تجني ما يفوق الـ200 ألف جنيه شهرياً!
- "ليلى الشبح" تقدم محتوى عشوائي لا هدف له سوى الضجيج، وتحقق مئات الآلاف من المشاهدات، وتحصل على "هدايا بث مباشر" بقيمة تصل لملايين سنوياً.
- التيكتوكر "...." قبض عليه مؤخرًا بعد نشر فيديوهات خادشة للحياء، ورغم ذلك لا تزال مقاطعه تحقق تفاعلاً مذهلاً، وكأن الناس أصبحوا يلهثون خلف التفاهة بإرادتهم!
في زمن التيك توك... الفسيخ يصنع الملايين والعلماء في طيّ النسيان!"
- عالم مصري حاصل على الدكتوراه من كبرى الجامعات الأوروبية، يعيش على هامش الحياة، لا يعرفه أحد، لا يكرمه الإعلام، ولا تدعمه الدولة.
- شاب مصري حَفِظ القرآن كاملاً وهو في العاشرة، يضيع مستقبله لأن حفظه لم يكن بفيديو راقص أو ترند جذاب.
- أستاذ جامعي، أفنى عمره في المختبرات، لا يجد حتى من ينشر له بحثه في مجلة محلية، بينما فتاة ترقص على "مهرجان" تُصبح حديث السوشيال ميديا.
في زمن التيك توك... الفسيخ يصنع الملايين والعلماء في طيّ النسيان!"
متى تستفيق الأمة من غفلتها؟!
متى يعود الاحترام لأهل العلم والمعرفة؟!
متى ندرك أن من يصنع المستقبل هم من يصنعون الوعي لا "الترند"؟!
متى تكون الكاميرا وسيلة لإحياء القيم لا لقتلها؟!
ومتى نرى الطفل الذي حفظ القرآن يُكرم كما يُكرم من رقص، وتمايل، وتحدث بلا حياء؟!
في زمن التيك توك... الفسيخ يصنع الملايين والعلماء في طيّ النسيان!"
نحن لا نهاجم حرية المحتوى، ولكننا نصرخ لأجل التوازن. من حق كل شخص أن يُبدع بطريقته، لكن ليس من المنطقي أن يصبح
التفاهة بابًا للثراء، والعلم بابًا للفقر. ليس من العدل أن تكرم من خدشت الحياء، وتُنسى من رفع راية القرآن أو العلم.
آن الأوان أن نعيد ترتيب أولوياتنا... أن نُكرم العلماء كما نُكرم المؤثرين، أن نُعلي من شأن حملة كتاب الله كما نُعلي من شأن صناع
المحتوى، أن نُعيد الاحترام لصوت العقل في مواجهة فوضى الجسد. وإلا فإن القادم أشد ظلمة، والجيل الجديد لن يعرف الفرق بين
الفسيخ والفيزياء!
اترك تعليقا: