الولاءات الضيقة في مواجهة الصالح العام أزمه وعي في مستقبل الديمقراطية
عناوين فجة لأزمة يعيشها الناس ولن يفيقوا إلا على ما مر بهم قبل ذلك (( كالمثل الشعبي .. وكأنك يا بو زيد ما غزيت ))
"إن انحياز فئة من المجتمع لصالح نائب بعينه بدافع سطوته المادية أو مكانته الاجتماعية، لا بسبب كفاءته السياسية أو العلمية أو الإدارية، يؤدي إلى تشويه جوهر العملية الانتخابية..
هذا الطرح يشير إلى واحدة من أبرز الإشكاليات التي تعاني منها الأنظمة الديمقراطية في بعض المجتمعات، وخاصة تلك التي لم تترسخ فيها بعد ثقافة الاختيار على أساس الكفاءة والمصلحة العامة ..
فبدلاً من أن تكون الانتخابات وسيلة لاختيار الأصلح والأقدر على تمثيل الناس وخدمة الوطن، تتحول إلى أداة لإعادة إنتاج النفوذ والمحسوبية، مما ينعكس سلباً على مستوى الأداء التشريعي والخدمي، ويعيق مسار التنمية والإصلاح."
سطوة النفوذ وغياب الكفاءة في العملية الانتخابية
إنّ العملية الانتخابية في أي مجتمع ديمقراطي يفترض أن تقوم على مبدأ اختيار الأكفأ والأجدر بتمثيل الناس وتحقيق مصالحهم العامة. غير أن الواقع في بعض المجتمعات يشير إلى انحراف خطير عن هذا المبدأ، حيث تتغلب الاعتبارات الشخصية والقبلية، أو الولاءات الضيقة، على معايير الكفاءة والنزاهة.
ففي كثير من الحالات، نجد أن فئة من المجتمع تميل إلى دعم مرشح معين، لا بسبب خبرته أو مؤهلاته السياسية والعلمية أو برنامجه الانتخابي، بل بسبب نفوذه أو مكانته الاجتماعية. فيتم انتخابه كـ"وجاهة" أو "فضل شخصي" أو من باب "رد الجميل"، لا لأنه الأصلح لتمثيلهم أو لخدمة الصالح العام.
هذا النوع من الانحياز يُفرغ العملية الانتخابية من مضمونها الحقيقي، ويحولها إلى مناسبة لتكريس الهيمنة الاجتماعية والاقتصادية لبعض الأفراد أو العائلات، على حساب المصلحة الوطنية. والنتيجة: مجالس تمثيلية تفتقر إلى الكفاءة، وتخلو من الرؤية الإصلاحية، وتُعطل عجلة التنمية بدل أن تُسهم في دفعها.
ولذلك، فإن إصلاح منظومة الانتخابات لا يقتصر فقط على تعديل القوانين أو النظم ..... ، بل يحتاج إلى نضج مجتمعي وثقافة سياسية واعية لدى الناس، تُقدّم مصلحة الوطن على الولاءات الضيقة، وتُعلي من قيمة الكفاءة والنزاهة على حساب الجاه والنفوذ .. إذن تقدم الأمم والأوطان ليست بالنفاق والولاءات والتربيطات بل بالكفاءات والخبرات العلمية .
.. إن الأصل في الديمقراطية أن تكون الانتخابات وسيلة لتداول السلطة واختيار من يُمثل الشعب، ويعبّر عن تطلعاته، ويعمل على سنّ القوانين ومراقبة الأداء التنفيذي، وصولًا إلى تحقيق العدالة والتنمية. لكن حينما تُفرغ الانتخابات من هذه المضامين، وتتحول إلى ساحة للمجاملات أو المقايضات أو الاستعراض الاجتماعي، تصبح نتائجها جزءًا من المشكلة بدل أن تكون مدخلًا للحل.
... في بعض الدوائر الانتخابية، يُنظر إلى المرشح من زاوية "الكرم الشخصي"، أو "عدد الولائم"، أو "مكانة عائلته"، وليس من حيث قدرته على التشريع أو مساءلة الحكومة ...
ولعل الانتماءات القبلية أو المناطقية تفرض مرشحين لا يملكون أي تصور حقيقي لإدارة الشأن العام، ويتم انتخابهم فقط لأنهم "من أبناء الدائرة ".
هذه الممارسات لا تنتج فقط نوّابًا غير مؤهلين، بل تخلق أيضًا بيئة تشجّع الفساد، وتحبط الكفاءات، وتُقصي من يستحق ، وتتحول البرلمانات أو المجالس المحلية إلى ديكور سياسي وبالتالي ينأى المواطن بنفسه عن السياسة، ويغيب الوعي بالمشاركة، ويشعر أن صوته لا يُحدث فرقًا، ما يُضعف النسيج الديمقراطي بأكمله.....
ولذلك أرى من وجهة نظر تحليلية أكاديمية ..... ضرورة
... رفع الوعي السياسي: من خلال الإعلام والتعليم، وتعزيز الثقافة الانتخابية التي تُقدّم الكفاءة على الولاء ، ووضع قوانين انتخابية عادلة: تُشجع التعددية والتمثيل الحقيقي ، وأن نفعل الرقابة الشعبية والمدنية ، وأن نشجع الكفاءات ، في دعم المرشحين من ذوي الخبرة والنزاهة، ومساعدتهم على إيصال صوتهم للناخبين، رغم محدودية مواردهم.
في الختام .. ونحن على أبواب نهج سياسي قادم نتمنى أن تكون
الانتخابات القادمة ، ليست مجرد حدث سياسي، بل هي انعكاس لوعي المجتمع بأكمله ، وكل صوت يُمنح لغير مستحقه، هو تراجع عن المصلحة العامة وخيانة لحق الوطن في التقدم لا يمكن أن نبني دولًا قوية ومجتمعات عادلة، ما لم نُحسن الاختيار، ونرفض منطق النفوذ لصالح منطق الكفاءة ..
مقالة ليس المقصود منها سوى خدمة وطني بالعلم الأكاديمي والثقافة الشعبية المتصلة في مجتمعنا المصري الأصيل ..
بهاء عز العرب النجريدي
أستاذ بحوث القانون والاعلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق