فضيحة تزوير التوكيلات العقارية بدمنهور - الخطر الحقيقي على أمن الملكية وثقة المواطن
كتب: رأفت عبده
في ضربة جديدة لثقة المواطن في المؤسسات الحكومية المعنية بحماية حقوقه، كشفت الرقابه الإدارية الأيام الماضية عن فضيحة كبرى هزت أركان الشهر العقاري بدمنهور، تمثلت في حبس مديرة مكتب الشهر العقاري وعدد من الموظفين بتهمة تزوير كم هائل من التوكيلات العقارية.
هذه القضية ليست مجرد جريمة فردية، بل هي كارثة حقيقية تهدد أمن الملكية العقارية للمواطنين، وتكشف عن ثغرات خطيرة في منظومة يفترض بها أن تكون الحصن المنيع لحقوق الأفراد.
تتمحور القضية حول شبكة إجرامية منظمة، استغلت منصب مديرة مكتب الشهر العقاري وموظفين آخرين لتزوير توكيلات عقارية لبيع أراضٍ وفيلات وشقق سكنية. لم تقتصر العقارات المستهدفة على محافظة البحيرة، بل امتدت لتشمل مناطق حيوية وذات قيمة عقارية عالية مثل الساحل الشمالي والتجمع الخامس.
الأكثر إثارة للقلق هو أن هذه التوكيلات المزورة كانت تباع بمبالغ طائلة، وصلت إلى ملايين الجنيهات، مما يشير إلى حجم الثراء غير المشروع الذي كان المتهمون يجنونه على حساب ممتلكات المواطنين. الكارثة الأكبر تتمثل في أن الضحايا الحقيقيين – وهم أصحاب العقارات الأصليون – لم يكتشفوا هذه الجرائم البشعة إلا بعد فوات الأوان، وبعد أن فقدوا ملكية عقاراتهم التي ربما تكون حصيلة سنوات طويلة من الجهد والادخار.
الخطر الحقيقي:
يكمن الخطر الحقيقي لهذه القضية في عدة أبعاد:
1. زعزعة ثقة المواطن في مؤسسات الدولة:الشهر العقاري هو الجهة الرسمية المخولة بتوثيق العقود والتوكيلات، وبالتالي فهو الضامن لحقوق الملكية. عندما تصبح هذه الجهة نفسها مسرحاً للتزوير والفساد، فإن الثقة تتهاوى، ويشعر المواطن بأن حقوقه وممتلكاته ليست في أمان، حتى داخل الإطار القانوني المفترض أن يحميها.
2. تهديد الأمن العقاري والاقتصادي: انتشار مثل هذه الجرائم يؤثر سلباً على سوق العقارات، ويثير قلق المستثمرين والمواطنين على حد سواء.
فمن يضمن أن العقار الذي يشتريه ليس مرهوناً أو مباعاً بتوكيل مزور؟ هذا الوضع يمكن أن يعرقل حركة البيع والشراء ويؤثر على الاقتصاد الوطني.
3. إهدار جهود سنوات العمر: العقارات بالنسبة للكثيرين هي خلاصة العمر ومدخرات السنين.
عندما يتم سلبها بتوكيل مزور، فإن هذا يمثل ضربة قاصمة للفرد وأسرته، وقد يؤدي إلى نتائج اجتماعية ونفسية وخيمة.
4. صعوبة استرداد الحقوق:على الرغم من التحقيقات الجارية، فإن استرداد العقارات المباعة بهذه الطريقة قد يكون عملية طويلة ومعقدة، تتطلب جهوداً قانونية ومالية كبيرة من الضحايا، مما يضيف إلى معاناتهم.
العدالة المنتظرة:
لقد باشرت النيابة العامة التحقيقات في هذه القضية الخطيرة، وجددت حبس المتهمين على ذمة التحقيق.
ورغم أهمية هذه الإجراءات، فإن الشارع المصري ينتظر بفارغ الصبر الكشف عن كافة خيوط هذه الشبكة الإجرامية، ومحاسبة كل المتورطين فيها، سواء كانوا من داخل الشهر العقاري أو من خارجه من السماسرة والمشترين المتواطئين.
صرخة المواطن:
إن ما حدث في دمنهور ليس مجرد قضية فساد عابرة، بل هو جرس إنذار يدق ناقوس الخطر.
المواطنون لن يسكتوا عن سرقة شقا عمرهم بتوكيل مزور، وسيبقون الصوت الداعي إلى العدالة.
على جميع الجهات المسؤولة أن تدرك أن حماية حقوق المواطن وملكياته هي خط أحمر لا يمكن المساس به، وأن أي تساهل مع الفاسدين يمثل خيانة للأمانة وتدميراً لثقة المجتمع.
إن محاسبة الجناة وتطهير المؤسسات من الفساد ليس خياراً، بل واجب وطني وهي من أولويات السيد رئيس الجمهورية الذي نادي بتطهير المؤسسات من الفاسدة .
وعلى الدولة أن تعيد بناء الثقة المفقودة، وتضع آليات رقابية أكثر صرامة لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث، وأن تؤكد للمواطنين أن ممتلكاتهم مصونة ومحمية بسلطة القانون والعدل.
اقرأ المزيد اضغط هنا لمشاهده التفاصيل:-
اترك تعليقا: