الصفحات

شهوة زائلة أم جنة مأوى؟ صراع النفس بين الهوى والخوف!

 شهوة زائلة أم جنة مأوى؟ صراع النفس بين الهوى والخوف!

الدكتورة شمس راغب


بقلم الأستاذة الدكتورة:شمس راغب 

 شهوة زائلة أم جنة مأوى؟ صراع النفس بين الهوى والخوف!في أعماق النفس البشرية، يدور صراع أبدي، معركة فاصلة تحدد المصير الأبدي. صراع بين داعي الهوى، المغري باللذات العاجلة والشهوات الزائلة، وبين صوت الخوف من مقام الرب، الرادع عن المعاصي والموجه نحو الطاعة. فأي الفريقين سينتصر؟ وأي المصيرين ينتظرنا؟

الهوى: الدافع القوي لكل طغيان

"ونهى النفس عن الهوى هو نقطة الارتكاز في دائرة الطاعة".

 فالهوى هو الدافع القوي لكل طغيان، وكل تجاوز، وكل معصية، وهو أساس البلوى، وينبوع الشر

وقل أن يؤتى الإنسان إلا من قبل الهوى. فالجهل سهل علاجه، ولكن الهوى بعد العلم هو آفة النفس التي تحتاج إلى جهاد شاق طويل الأمد لعلاجها.

الخوف من الله: الحاجز الصلب أمام دفعات الهوى

"والخوف من الله هو الحاجز الصلب أمام دفعات الهوى العنيفة". وقل أن يثبت هذا الحاجز أمام دفعات الهوى. ومن ثم يجمع بينهما السياق القرآني في آية واحدة.

 فالذي يتحدث هنا هو خالق هذه النفس العليم بدائها، الخبير بدوائها وهو وحده الذي يعلم دروبها ومنحنياتها، ويعلم أين تكمن أهواؤها وأدواؤها.

حرية الاختيار: بين الانتصار على الهوى والعبودية للشهوة

وهنا لك حرية إنسانية تليق بتكريم الله تعالى للإنسان، تلك هي حرية الانتصار على هوى النفس والانطلاق من أسر الشهوة والتصرف بها في توازن تثبت معه حرية الاختيار والتقدير الإنساني.

 وهنا لك حرية حيوانية، وهي هزيمة الإنسان أمام هواه، وعبوديته لشهوته، وانفلات الزمام من إرادته، وهي حرية لا يهتف بها إلا مخلوق مهزوم الإنسانية مستعبد يلبس عبوديته رداء من الحرية.

المصير الطبيعي للارتكاس والارتقاء

إن الأول هو الذي ارتفع وارتقى وتهيأ للحياة الرفيعة الطليقة في جنة المأوى. أما الآخر فهو الذي ارتكس وانتكس وتهيأ للحياة في درك الجحيم حيث تهدر إنسانيته، ويرتد شيئا توقد به النار التي وقودها الناس، من هذا الصنف والحجارة! وهذه وتلك هي المصير الطبيعي للارتكاس والارتقاء في ميزان هذا الدين الذي يزن حقيقة الأشياء.

الجنة هي المأوى: جزاء المجاهدين لأنفسهم

"فإن الجنة هي المأوى" ذلك أن الله تعالى يعلم ضخامة هذا الجهاد، وقيمته كذلك في تهذيب النفس البشرية وتقويمها ورافعها إلى المقام الأسمى. إن الإنسان إنسان بهذا النهي، وبهذا الجهاد وبهذا الارتفاع. 

وليس إنسانا بترك نفسه لهواها، وإطاعة جواذبه إلى تركها، بحجة أن هذا مركب في طبيعته. فالذي أودع نفسه الاستعداد للإمساك بزمامه، ونهى النفس عنه، ورفعها عن جاذبيته، وجعل له الجنة جزاء ومأوى حين ينتصر ويرتفع ويرقى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق