-->
style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-5494815474080203" data-ad-slot="7444598250">

حين تهوي هيبة الأب والمعلم والكبير، وسقط المجتمع.جيل ينكر فضائل الأمس، ويتجاهل حكمة الكبار.

حين تهوي هيبة الأب والمعلم والكبير، وسقط المجتمع.جيل ينكر فضائل الأمس، ويتجاهل حكمة الكبار.

حين تهوي هيبة الأب والمعلم والكبير، وسقط المجتمع.جيل ينكر فضائل الأمس، ويتجاهل حكمة الكبار.
بقلم : رأفت عبده 

 دعوني أصف لكم هذا المشهد الكارثي، هذا الزلزال الذي هز أركان مجتمعنا وأسقط قيمه دفعة واحدة. تخيل معي بيتًا فقد فيه الأب سلطانه، لم يعد ذلك السند القوي، ولا القدوة الحكيمة، بل أصبح ظلًا باهتًا، أو أسوأ من ذلك، مصدرًا للخوف والقلق بدلًا من الأمان. كلمته لم تعد مسموعة، ونصائحه مهجورة، وتوجيهاته مثار سخرية أو تجاهل. لقد انكسر عمود البيت، وتصدع سقفه، فكيف يستقيم بناؤه؟

وانتقل معي إلى ساحة العلم والمعرفة، المدرسة التي كانت منبرًا للعلم ومهدًا للأخلاق. 

هناك، ترى المعلم وقد تجرد من هيبته، صوته يخفت أمام صخب الطلاب، وعلمه يُستهان به، وجهده يُقابل باللامبالاة. لم يعد ذلك النبراس الذي يضيء الدروب، بل موظفًا يؤدي واجبًا روتينيًا، أو شخصًا ضعيفًا لا يملك من الأمر شيئًا. 

لقد اهتزت أركان العلم، وتزعزت أسس التربية، فكيف ينبت جيل واعٍ ومثقف؟

ثم وسع دائرة نظرك لتشمل العائلة الكبيرة، ذلك النسيج الاجتماعي الذي كان يحفظ التوازن ويغرس القيم.

 ترى الكبير فيها وقد فقد احترامه، لم تعد كلمته فصل الخطاب، ولا تجربته نبراسًا يُهتدى به. أصبح وجوده هامشيًا، ورأيه ثانويًا، وتاريخه طي النسيان

لقد انفرط عقد الأسرة، وتشتت أواصرها، فكيف يستقيم مجتمع قوامه الترابط والتكاتف؟

حين تسقط هيبة الأب، وتهون مكانة المعلم، ويُستهان بالكبير، فإن المجتمع برمته يسقط سقوطًا مدويًا. 

تفقد القيم معناها، وتتلاشى الحدود بين الصواب والخطأ، وينتشر الجهل والفوضى. 

يصبح الصغير لا يحترم الكبير، والتلميذ لا يقدر المعلم، والابن لا يطيع الأب. يصبح كل فرد جزيرة منعزلة، لا يربطه بالآخر رابط قوي، ولا يجمعه به هدف سامٍ.

 هذا ليس مجرد وصف لحالة، بل هو إنذار بكارثة. 

إن إعادة بناء هذه الهيبة المفقودة ليس بالأمر الهين، ولكنه ليس مستحيلًا. يبدأ بالعودة إلى الجذور، بتقدير دور الأب والمعلم والكبير، وبغرس قيم الاحترام والتقدير في نفوس الأجيال الجديدة. إنها مسؤولية مشتركة تقع على عاتق كل فرد في هذا المجتمع، فهل ندرك حجم الكارثة قبل فوات الأوان؟ وهل نمتلك الإرادة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟

في خضم هذا الوصف القاتم لسقوط الهيبة، لا يسعنا إلا أن نستحضر صورة مضيئة، شعلة لم تنطفئ بعد. هناك بيننا، نحن أبناء الأجيال التي عاصرت زمنًا آخر، من لا يزال يحمل في قلبه تقديرًا عميقًا للأب، تبجيلاً للمعلم، واحترامًا كبيرًا لكبار السن. 

ما زلنا نذكر أساتذتنا الأفاضل، أولئك الذين غرسوا فينا بذور العلم والأخلاق، الذين سهروا الليالي ليضيئوا لنا دروب المعرفة. كلماتهم لا تزال ترن في آذاننا، ونصائحهم نبراسًا نهتدي به في حياتنا.

هذه الفئة الأصيلة، وإن بدت أقلية في زمن التحولات المتسارعة، هي السند الذي نتكئ عليه، وهي الأمل الذي يضيء لنا عتمة الطريق.

 إنهم الشهود الأحياء على زمن كانت فيه للهيبة قيمة، وللاحترام مكانة، وللكبير منزلة. هم البقية الباقية التي تحمل مشاعل التقدير والإجلال، وتنقلها إلى الأجيال القادمة، لعلها تستلهم منها وتدرك عظمة ما فقدناه، وأهمية استعادة تلك القيم النبيلة. 

إن في وجودهم عزاء، وفي ذكراهم حافزًا للتمسك بما تبقى من أصالة مجتمعنا.

اطال الله عمرهم ومتعهم بالصحة والعافية 

#متابعة الصفحة ليصلك كل جديد وآخر مستجدات القضية المروعة!أضغط هنا

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا:

الاكتر شيوعا