الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية: من المستفيد؟

الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية: من المستفيد؟
المؤلف اخبار المجتمع
تاريخ النشر
آخر تحديث

 الإسلاموفوبياومعاداةالسامية: من المستفيد؟

الإسلاموفوبياومعاداةالسامية: من المستفيد؟

بقلم : رأفت عبده 

تُعدّ الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية من أشكال الكراهية والتعصب التي تستهدف مجموعات دينية محددة، وتتسم بانتشارها المقلق في العديد من المجتمعات حول العالم.

 وعلى الرغم من أن كل ظاهرة منهما تحمل سماتها الخاصة وتاريخها المختلف، إلا أنهما تتشابهان في آثارهما المدمرة على الأفراد والمجتمعات، وتثيران تساؤلات حول الأطراف المستفيدة من استمرارهما.

 الإسلاموفوبيا: ظاهرة متنامية

تشير الإسلاموفوبيا إلى الخوف غير العقلاني أو الكراهية أو التحيز ضد الإسلام أو المسلمين. 

وقد شهدت هذه الظاهرة تصاعدًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مدفوعة بعوامل متعددة مثل:

الأحداث الإرهابية: غالبًا ما يتم ربط الإسلام بالإرهاب بشكل خاطئ، مما يؤدي إلى تعميمات سلبية وتصوير المسلمين كتهديد.

التغطية الإعلامية المنحازة:

 تلعب بعض وسائل الإعلام دورًا في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، من خلال التركيز على القصص السلبية وتجاهل التنوع الإيجابي داخل المجتمعات الإسلامية.

الخطاب السياسي المتطرف:

 يستغل بعض السياسيين الشعبويين الإسلاموفوبيا لكسب الدعم، من خلال نشر الخوف والقلق حول الهجرة وتأثير الثقافات المختلفة.

الجهل والتحيز:

 ينبع جزء كبير من الإسلاموفوبيا من عدم المعرفة بالإسلام وثقافته، مما يسهل انتشار الصور النمطية السلبية.

تتجلى آثار الإسلاموفوبيا في التمييز في أماكن العمل، والاعتداءات اللفظية والجسدية، وتشويه صورة المسلمين في وسائل الإعلام، وحتى التشريعات التي تستهدف ممارساتهم الدينية.

 معاداة السامية: عداء تاريخي متجدد

تُعرف معاداة السامية بأنها العداء أو التحيز أو التمييز ضد اليهود.

 لها تاريخ طويل ومعقد، حيث شهدت موجات متكررة من الاضطهاد والعنف ضد اليهود عبر العصور، وبلغت ذروتها في المحرقة. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لمكافحتها، لا تزال معاداة السامية قائمة بأشكال مختلفة:

نظريات المؤامرة: 

تستند معاداة السامية غالبًا إلى نظريات مؤامرة تدعي سيطرة اليهود على الاقتصاد أو السياسة أو الإعلام.

 يعتبر إنكار المحرقة شكلاً خطيرًا من أشكال معاداة السامية، ويهدف إلى التقليل من حجم الجرائم التي ارتكبت ضد اليهود.

الربط غير العادل بإسرائيل:

يتم أحيانًا الخلط بين نقد السياسات الإسرائيلية ومعاداة السامية، مما يؤدي إلى تجريم أي انتقاد لدولة إسرائيل وتصويره كمعاداة لليهود.

الكراهية على الإنترنت:

تنتشر خطابات الكراهية المعادية للسامية بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، مما يسهم في تطبيعها.

تؤدي معاداة السامية إلى العنف ضد اليهود، وتدمير ممتلكاتهم، والتمييز ضدهم في مجالات الحياة المختلفة، وتغذية بيئة من الخوف وعدم الأمان.

من المستفيد من الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية؟

إن تحديد المستفيدين من هذه الظواهر المعقدة ليس بالأمر السهل، حيث تتداخل المصالح وتتشابك الأهداف.

 ومع ذلك، يمكننا تحديد عدة أطراف قد تستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر:


1. السياسيون الشعبويون والأحزاب اليمينية المتطرفة:

    يستغل هؤلاء السياسيون الخوف من الآخر وتغذية الانقسامات المجتمعية لكسب الأصوات.

 من خلال شيطنة المسلمين أو اليهود، يقدمون أنفسهم على أنهم حماة "القيم الوطنية" أو "الهوية الثقافية"، مما يصرف الانتباه عن المشاكل الحقيقية ويقوي قبضتهم على السلطة.


2. جماعات الكراهية والتنظيمات الإرهابية:

    تستفيد هذه الجماعات من المناخ المشحون بالكراهية لتجنيد الأعضاء ونشر أيديولوجياتها المتطرفة. فكلما زادت الانقسامات المجتمعية، زادت فرصهم في استقطاب الأفراد الساخطين وتبرير أعمال العنف فالتطرف يغذي التطرف.


3. بعض وسائل الإعلام والجهات الإعلامية المحددة:

    تسعى بعض المنابر الإعلامية إلى تحقيق أرباح من خلال نشر الأخبار المثيرة أو المبالغ فيها التي تغذي الصور النمطية السلبية عن المسلمين أو اليهود. هذا النوع من المحتوى يجذب الانتباه ويزيد من معدلات المشاهدة أو القراءة، حتى لو كان ذلك على حساب الحقيقة والموضوعية.

4. صناعات الأمن والمراقبة:

    يمكن أن يؤدي تصاعد الخوف من "التهديدات" (سواء كانت حقيقية أو متصورة) إلى زيادة الإنفاق على الأمن والمراقبة.

 فالإسلاموفوبيا، على سبيل المثال، قد تبرر زيادة المراقبة على المسلمين، مما يخلق سوقًا لشركات الأمن والتكنولوجيا.


5. القوى الأجنبية التي تسعى لزعزعة الاستقرار:

    قد تستغل بعض القوى الخارجية هذه الانقسامات الداخلية في المجتمعات بهدف زعزعة استقرارها وإضعافها. 

من خلال دعم أو تمويل جماعات متطرفة أو نشر معلومات مضللة، يمكنها تحقيق أهداف جيوسياسية.

6. أطراف تستفيد من تشتيت الانتباه:

    عندما يركز الرأي العام على صراعات داخلية تتعلق بالهوية والدين، فإنه يصرف الانتباه عن قضايا أخرى أكثر أهمية مثل الفساد، أو المشاكل الاقتصادية، أو القضايا الاجتماعية المعقدة.

إن الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية ليسا مجرد ظاهرتين عابرتين، بل هما أدوات قوية تستغلها أطراف مختلفة لتحقيق مكاسب سياسية، اقتصادية، أو أيديولوجية.

 تكمن خطورتهما في قدرتهما على تدمير النسيج الاجتماعي، وتقويض قيم التسامح والتعايش، وإشعال فتيل الصراعات. 

إن فهم من المستفيد من هذه الكراهية هو خطوة أساسية نحو مكافحتها وبناء مجتمعات أكثر عدلاً وشمولاً.



تعليقات

عدد التعليقات : 0